الأمن الخاص في المغرب: إصلاحٌ هيكلي مرتقب وتكوينٌ مهني ضرورة ملحة
بقلم: أحمد بولحباش، مدير أكاديمية الأمن الخاص بأكادير
في خضم الدينامية الإصلاحية التي يعيشها المغرب منذ مطلع الألفية الثالثة، والتي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، تحت عنوان ترسيخ دولة الحق والمؤسسات وتعزيز الحكامة الأمنية، يطفو إلى السطح مجددًا سؤال جوهري: هل حان الوقت لإعادة هيكلة وتقييم قطاع الأمن الخاص، بعد مضي حوالي عشرين سنة على صدور القانون المنظم له؟
قطاع الأمن الخاص: حاجة ملحة لإصلاح هيكلي
يعد قطاع الأمن الخاص، الذي يشمل خدمات الحراسة ونقل الأموال، أحد المكونات الأساسية لمنظومة الأمن الموازي أو التكميلي في المغرب. وقد تضاعف الاعتماد عليه في السنوات الأخيرة، خاصة من طرف المؤسسات البنكية، والمجمعات التجارية، والمطارات، والمستشفيات، والمؤسسات التعليمية. ورغم حساسية المهام التي يتولاها، لا يزال القطاع يواجه عدة تحديات قانونية وتنظيمية، وأخرى متعلقة بالتكوين المهني وظروف العمل.
يعد قطاع الأمن الخاص، الذي يشمل خدمات الحراسة ونقل الأموال، أحد المكونات الأساسية لمنظومة الأمن الموازي أو التكميلي في المغرب. وقد تضاعف الاعتماد عليه في السنوات الأخيرة، خاصة من طرف المؤسسات البنكية، والمجمعات التجارية، والمطارات، والمستشفيات، والمؤسسات التعليمية. ورغم حساسية المهام التي يتولاها، لا يزال القطاع يواجه عدة تحديات قانونية وتنظيمية، وأخرى متعلقة بالتكوين المهني وظروف العمل.
إن مرور عقدين من الزمن على صدور القانون رقم 27.06 المتعلق بالأمن الخاص، يفرض اليوم ضرورة تقييم حقيقي لمسار هذا القطاع، بهدف تقويم الاختلالات التي تعيق أداءه، والرفع من جودته ومهنيته، خصوصًا في ظل استعداد المغرب لاحتضان تظاهرات دولية كبرى، وعلى رأسها كأس إفريقيا للأمم 2025، وكأس العالم 2030.
التكوين: حجر الزاوية في عملية التأهيل والإصلاح
لا يمكن الحديث عن إصلاح فعلي لقطاع الأمن الخاص دون التركيز على جانب التكوين المهني والتأهيل البشري. فالموارد البشرية تبقى ركيزة أي إصلاح هيكلي ناجح، خاصة في مجال حساس كالأمن، الذي يتطلب الانضباط والاحترافية، والتعامل الرصين مع المواطنين والمواقف الطارئة.
لا يمكن الحديث عن إصلاح فعلي لقطاع الأمن الخاص دون التركيز على جانب التكوين المهني والتأهيل البشري. فالموارد البشرية تبقى ركيزة أي إصلاح هيكلي ناجح، خاصة في مجال حساس كالأمن، الذي يتطلب الانضباط والاحترافية، والتعامل الرصين مع المواطنين والمواقف الطارئة.
من هذا المنطلق، برزت مبادرات رائدة في هذا الصدد، وعلى رأسها أكاديمية الأمن الخاص بأكادير، التي تسعى إلى الاضطلاع بدور طلائعي في تكوين رجال ونساء الأمن الخاص، وتأهيلهم تقنيًا وقانونيًا وسلوكيًا، للارتقاء بمستوى خدمات هذا القطاع. الأكاديمية، التي تعتزم فتح فروع لها في كبريات المدن المغربية، تسعى إلى خلق جيل جديد من العاملين في المجال، يتمتعون بالكفاءة والمهنية، وقادرين على مواكبة متطلبات العصر.
تحسين الظروف الاجتماعية: عنصر لا محيد عنه
إصلاح قطاع الأمن الخاص لا يجب أن يقتصر فقط على الجانب القانوني أو المهني، بل لا بد أن يشمل أيضًا تحسين الظروف الاجتماعية والمادية للعاملين به. فضعف الأجور، وغياب الحماية الاجتماعية الكافية، وهشاشة العقود، هي عوامل تؤثر بشكل مباشر على أداء رجال الأمن الخاص وعلى صورتهم داخل المجتمع. إن كرامة رجل الأمن الخاص جزء لا يتجزأ من صورة الأمن المغربي برمته.
إصلاح قطاع الأمن الخاص لا يجب أن يقتصر فقط على الجانب القانوني أو المهني، بل لا بد أن يشمل أيضًا تحسين الظروف الاجتماعية والمادية للعاملين به. فضعف الأجور، وغياب الحماية الاجتماعية الكافية، وهشاشة العقود، هي عوامل تؤثر بشكل مباشر على أداء رجال الأمن الخاص وعلى صورتهم داخل المجتمع. إن كرامة رجل الأمن الخاص جزء لا يتجزأ من صورة الأمن المغربي برمته.
نحو منظومة أمنية شاملة ومتكاملة
في ظل التحولات الإقليمية والدولية، وتزايد التهديدات الأمنية العابرة للحدود، أصبح من الضروري بناء منظومة أمنية شاملة ومتكاملة، يكون فيها الأمن الخاص شريكًا حقيقيًا وفاعلًا مكملاً لمهام الشرطة والقوات العمومية، وليس مجرد قطاع هامشي. ولتحقيق ذلك، لا بد من بلورة رؤية استراتيجية وطنية لإصلاح القطاع، بمساهمة جميع المتدخلين: الدولة، الفاعلون الاقتصاديون، مؤسسات التكوين، والنقابات.
في ظل التحولات الإقليمية والدولية، وتزايد التهديدات الأمنية العابرة للحدود، أصبح من الضروري بناء منظومة أمنية شاملة ومتكاملة، يكون فيها الأمن الخاص شريكًا حقيقيًا وفاعلًا مكملاً لمهام الشرطة والقوات العمومية، وليس مجرد قطاع هامشي. ولتحقيق ذلك، لا بد من بلورة رؤية استراتيجية وطنية لإصلاح القطاع، بمساهمة جميع المتدخلين: الدولة، الفاعلون الاقتصاديون، مؤسسات التكوين، والنقابات.
في الختام
إن اللحظة الراهنة، بما تحمله من رهانات أمنية وتنموية، تفرض على المغرب أن يعيد النظر في البنية القانونية والتنظيمية لقطاع الأمن الخاص، وأن يمنحه ما يستحقه من اهتمام، تكوينًا وتشريعًا وتحفيزًا. فبدون موارد بشرية مؤهلة ومحفَّزة، لن نستطيع كسب رهان الأمن الموازي، ولا الحفاظ على صورة الأمن المغربي، الذي بات يشكل نموذجًا إقليميًا ودوليًا يحتذى به.
إن اللحظة الراهنة، بما تحمله من رهانات أمنية وتنموية، تفرض على المغرب أن يعيد النظر في البنية القانونية والتنظيمية لقطاع الأمن الخاص، وأن يمنحه ما يستحقه من اهتمام، تكوينًا وتشريعًا وتحفيزًا. فبدون موارد بشرية مؤهلة ومحفَّزة، لن نستطيع كسب رهان الأمن الموازي، ولا الحفاظ على صورة الأمن المغربي، الذي بات يشكل نموذجًا إقليميًا ودوليًا يحتذى به.